عندما افتتح مبنى الكلية الطبية الملكية العراقية في اليوم الرابع من شهر نيسان سنة ١٩٣٠، بموقعها في العيواضية (وهي ذاتها: العلوازية ، كما تلفظها النخبة البغدادية على غرار التهجئة العثمانية)، كانت جامعة آل البيت – الجامعة الرائدة في بلدنا، قد تم اغلاقها. وبهذة المفارقة الغريبة، فقد تم اعتبار انضمام الكلية الطبية الى تشكيلات جامعة آل البيت في ٢٩ تشرين الثاني سنة ١٩٢٧، تاريخاً لتأسيس الكلية، التى لطالما اعتبرت واقعة تأسيسها حدثاً فريداً واستثنائياً في اهميته، ان كان لجهة المسار التعليمي العراقي، ام لناحية الانجازات الصحية فيه.
كُلف المعمار هارولد كليفورث ميسون (١٨٩٢-١٩٦٠) H. C. Mason، الذي كان يشغل وظيفة معمار الحكومة في مديرية الاشغال العمومية (وليس ويلسون)، باعداد تصاميم الكلية اواخر سنة ١٩٢٧. وقد اختار موقعا لها تابع الى الاوقاف، بجانب المستشفى الملكي، على غرار مباني الكليات الطبية الرصينة الاخرى، التى تجعل من ردهات المستشفيات القريبة ، قاعات للدرس وللنشاط العملي الذي يتعين ان يمارسه طلبة الكلية، ضمن متطلبات الدراسة طيلة سنوات تحصيلهم العلمي. كان المعمار يدرك مقدار تواضع المبلغ المالي المرصود للكلية، الا انه كان يعي، في الوقت ذاته، خصوصية الحدث المعماري النادر، الذي انيط به لتحقيقه، كـثيمة تصميمية ذات ابعاد تعليمية جديدة وغير مألوفة، ولها علاقة مباشرة بالصحة العامة، في بلد لم يعرف في تاريخه القريب (وحتى غير القريب نوعا ما) موضوعاً تعليميا مماثلا له.