مقالة علمية للدكتور جواد الديوان

أستاذ علم الأوبئة في كلية الطب جامعة بغداد

الحوار المتمدن-العدد: 6558 – 2020 / 5 / 8 – 20:59

المحور: ملف: وباء – فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات

……………………………………………………………………………………………………….اثار فيروس كورونا المستجد نقاش حامي الوطيس حول المضيف الوسطي وكذلك تركيب الجينات واثارة المناعة لدى المصاب وتكوين مناعة القطيع وانتاج اللقاح وغيرها. وربما وجهات نظر بين العلماء والمعاهد العلمية. وكلمات من استاذي في الثمانينات وهو من علمني حرفة الكتابة الطبية، ونشر البحوث الطبية، دفعتني لملاحقة الظاهرة.

تنتشر اصابات كورونا المستجد SARS-CoV-2 بشكل معادلة اسية exponential -function- وكذلك انتشرت البحوث العلمية في العالم عنه وفق معادلة اسية. وهذا جهد علمي لتفهم المرض والسيطرة عليه، وربما تم نشر اكثر من 7000 بحثا عن الجائحة يغطي جوانب الفيروسات والوبائيات والمناعة وعلم الادوية وغيرها خلال 3 أشهر فقط.

يستغرق الباحثون سنوات في تصميم الدراسة وجمع المعلومات وتدقيق النتائج وكتابة البحث! وتقديمه للمجلة العلمية المرغوبة. وبذلك المجلات حراس بوابات العلم، وقبول البحث للنشر ونشره يستغرق زمنا طويلا، ويجتاز مراحل عدة مثل تدقيق كتابة البحث وطباعته ومراجعة النتائج والمناقشات واللغة ومن خلالها التصميم العلمي الصحيح للدراسة وغيرها من خلال خبراء في نقد البحوث (استعراض النظراء).

وخلال الجائحة (طواريء صحة عامة)، تحمس الاطباء وصانعي السياسات الصحية والحكومية بطلب معلومات عن الجائحة. وتقدم العديد من الباحثين ببحوثهم وفق المعطيات المتوفرة لديهم (في الدول المتقدمة المعلومات data متوفرة على الشبكة العنكبوتية وبالامكان تحليلها باشكال عدة، وفي العالم الثالث فانها معلومات سرية وربما عسكرية).

استجابت المجلات الطبية حيث تقدم للنشر اعداد كبيرة من البحوث. وقلصت من الياتها للتقييم فاصبحت اياما او اسابيع. كما اصبح نشر البحث على الانترنيت مباشرة قبل الطبع pre-print-. ويتم رفع البحث مع القليل من الاجراءات الشكلية. وبذلك فان COVID-19 دفع باتجاه ثورة في عالم نشر البحوث الطبية. ويتردد ان نصف ما تم نشره حول COVID-19 كان في ما قبل الطبع pre-print-.

ان سرعة نشر البحوث وابتكار ما قبل الطبع، تعني ان العلماء تعلموا من استجابتهم البطيئة في الفاشيات epidemics السابقة مثل فاشية ايبولا (2014-2016) وفاشية زيكا (2015-2016). ومن المؤكد هناك اليات لارشفة البحوث ما قبل الطبع pre-print-.

البحث الذي يقدم للنشر ما قبل الطبع سيكون متوفر للقراءة خلال ساعات. وهناك تدقيق متعجل ليرفع المقاطع الغير مناسبة ويضمن قبول البحث كورقة علمية في المجلات. ويتناول التدقيق المتعجل الملخص وطرق العمل والنتائج. واذا كان عنوان البحث مثيرا للجدل، يتم تاشيره رقميا digital الا انه لن تتم مراجعة المادة العلمية. ثم اي شخص بامكانه قراءة البحث وترك ملاحظاته اذا رغب في ذلك. ان ذلك يعني مراجعة نظراء من كل العالم لان اليات نشر في ما قبل الطباعة خالية من اي نوع من مراجعة النظراء.

نظريات المؤامرة حول تصنيع فايروس كرونا المستجد SARS-CoV-2 في مختبرات، قدمها علماء من الهند، وتم نشر بحثهم في كانون الثاني 2020. واعتمدوا في ذلك على تشابه في الجينات بين SARS-CoV-2 و فيروس HIV المسبب للايدز. وتعرض بحثهم لانتقادات قاسية جدا، وترك بعض العلماء ملاحظات حول اخطاء قاتلة في طرق العمل. وتم سحب المقال من ارشيف بحوث ما قبل الطباعة. اي تم التصحيح وتداول ذلك استاذ وبائيات، وادعى ان البحث منشور في مجلة New England Journal of Medicine. وهذه الحادثة تؤكد ان البحوث المراوغة التي تظهر بالصدفة او بتعمد من باحثين لاثارة المشاكل يتم سحبها من الارشيف.

المجلات الطبية، وهي ما تعودنا النشر فيها، قد لا تهذب البحث ولا تتخلص من البحوث السيئة. ومثال ذلك ان البحث الذي اشار الى هيدروكسي كلوروكين (علاج الملاريا) باعتباره علاجا موعودا لمرض COVID-19 تم نشره في مجلة طبية معروفة بدقتها وتدقيقها على استعرض النظراء وهي International Journal of Antimicrobial agents وتم نشره في اذار 2020 من قبل علماء فرنسيين.

 

Comments are disabled.