الدكتور : جواد الديوان

 أستاذ علم الأوبئة في كلية الطب جامعة بغداد

الحوار المتمدن-العدد: 6577 – 2020 / 5 / 29

المحور: ملف: وباء – فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات

………………………………………………………………………………………………………

  ربما امام العالم طريق طويل لينهي مشكلة فيروس كورونا المستجد، وهي رسالة واضحة جاءت من عدد كبير من الدراسات والبحوث المنشورة، حاول بها العلماء تحديد نسب انتشار الفيروس واامصابين.

في بدايات الجائحة، الارقام الحكومية لاصابات فيروس كورونا المستجد عادة اقل من الواقع underestimated وحتى الدراسات التي قدمها العالم حول انتشار المرض قدمت رقما من احاد. وهذه الارقام القليلة اظهرت ضعف مناعة القطيع herd immunity، وعندها لن يتمتع شعب بمناعة كبيرة للوقاية من انتشار فاشيات فيروس كورونا المستجد.

حد العتبة threshold لمناعة القطيع من فيروس كورونا المستجد غير معروف، واشار خبراء الاوبئة الى 60% من المجتمع. وحتى في المدن التي نقلت الاخبار اشكالات اصابات خيالية بفيروس كورونا المستجد اتضح ان الغالبية العظمى من شعبها لم يصب بالفيروس. ومثال ذلك السويد وبريطانيا جربوا الاغلاق المحدود من اجل تشكيل مناعة القطيع، اظهرت الدراسات نسب الاصابة 7% و17.5% على التوالي.

في مدينة نيويورك اكثر الاصابات في الولايات المتحدة الامريكية حسث ان 20% من سكانها تمت اصابتهم بالفيروس في بدايات مايس 2020. وفي الصين وفي مدينة ووهان حيث بداية ظهور الفيروس، فان 10% ممن عاد للعمل بعد ذلك اصيب بالفيروس.

ورغم عدم تحقيق حد العتبة لمناعة القطيع (60% من المجتمع) فان الارقام المذكورة تؤدي الى بطء في انتشار المرض. وحد العتبة في مناعة القطيع يمثل نقطة لن يغدو بعدها المرض خطرا ليسبب فاشية او جائحة. ويؤكد اطباء الاوبئة انه لا توجد طريقة لتعزيز مناعة القطيع في المجتمع سوى ترك الفيروس ينتشر لحين ظهور لقاح. وذلك قرار مجتمع للطريقة التي يحصن فيها نفسه.

الدراسات الحديثة بحثت عن الاجسام المناعية في الدم، وتؤشر اصابات سابقة. والمشاكل فيها كون الفحوصات غير دقيقة، والعينة غير ممثلة للمجتمع، ولا يمكن تعميم نتائجها. وفي معظمها دراسات انتشرت بسرعة ولم تاخذ وقتا لانجازها بالشكل المطلوب، ولذلك فهي بعيدة عن الدقة والكمال.

مناعة القطيع تختلف من مكان الى اخر، وتعتمد على عدة عوامل منها كثافة السكان في المنطقة والتفاعلات الاجتماعية. وهناك الكثير من احتمالات وفاة المصابين مما يؤثر على نسبة الوفيات من المرض. وكل النظريات تؤكد بان من يحصل على مناعة يكون محميا من الاصابة مرة اخرى. الا ان الوضع يختلف مع فيروس كورونا المستجد، حيث لازال العالم يجهل المناعة النشطة له، ومداها وامدها. وبرزت اراء كثيرة لاحباط الناس من مناعة القطيع. ومنها احتمال الاصابة مرة اخرى اذا تعرض الفرد للفيروس مرة اخرى. وتناسوا انه بوجود مناعة القطيع يتاثر التعرض سلبا.

الحصبة من الامراض القاتلة في الطفولة ،ومن اسباب ارتفاع وفيات الاطفال الرضع، وكانت شائعة في العراق، اصبحت نادرة الحدوث بسبب مناعة القطيع من اللقاح. وقبل اللقاح كانت العوائل تنقل اطفال لدار العوائل التي ظهر فيها حصبة لياخذ المرض للحفاظ على اطفالها بالمناعة. وهنا يبرز سؤال هل الوفيات من COVID-19 اكثر منها في الحصبة؟

اصابات الخمج لا تتوزع بالتساوي في المجتمع او بين المجتمعات. وتكون اشد بين اصحاب الدخل المحدود والاقليات. وربما اظهرت فحوصات الاجسام المناعية نسب اصابات اكبر في المناطق الشعبية، وعندها مناعة القطيع لديهم اشد. والمناطق التي تجاوزت فيها مناعة القطيع حد العتبة اقل نسبة وشدة للفاشيات.

الدراسات التي تناولت مناعة القطيع واثرت سلبا في اراء الناس واثارت الرعب، تعاني من اشكاليات النوعية لاسباب عديدة منها عدم تمثيل العينة للمجتمع، وكذلك الفحص لم يكن دقيقا accurate. الا ان الدراسات اظهرت ان الكثير من مدن العالم تجاوزت نسب الاصابة بها 10%. ودراسات السيرولوجي ممكن ان تعطي صورة عن شدة COVID-19 وكم هو مميت.

ودراسات الوفيات تعطي صور مختلفة، وعلى سبيل المثال فان نسبة الوفيات من فيروس كورونا المستجد في نيويورك هق 1%، والوفيات فيها من الانفلونزا هي 0.1 الى 0.2%. الا ان الطريقة التي تحدد فيها السلطات الصحية اصابات الانفلونزا اقل دقة من فحوصات المصل بفيروس كورونا المستجد. واخيرا حتى لو كانت ارقام نسب الوفيات متماثلة فان COVID-19 اكثر خطورة من الانقلونزا.

Comments are disabled.